بيــــــــــــــــــــــان الأحــــــــــــــــــــــــــــرار

في هاته الفترة الصعبة التي تمر بها البلاد والمتسمة بالفتن وبكثرة الملل والنحل السياسية وبغياب بارزٍ لبيداغوجيا التسيير السياسي العام، نعتزم القيام بمبادرة استراتيجية من أهم أهدافها نذكر:

 

أ. بناء فكر سياسي جديد يسدّ المتاهة الفكرية التي تعيشها النخب والمجتمع، ويخضّر الصحراء السياسية التي نهيم فيها.

ب. تحقيق التوازن بين قوى اليمين وقوى اليسار، علما وأن الخارطة السياسية في تونس من أتعس ما يوجد في العالم: يمين ذي مرجعية دينية لا يستنكر أبدا اقتصاد السوق والرأسمالية المتوحشة التي كادت تذهب بالبلاد في خبر كان؛ يسار لا يعترف بالإرث الثقافي إلا بالكلام والشعارات، ما يجعله قوة متعالية على الشعب؛ يمين مستقل يزيد في الطين بلة بتبنيه الفكر اللبرالي والديمقراطي الموجه بآلهة التطرف الرأسمالي؛ والكل يسبح في عالم سريالي لا يعي حتى حقيقة ما يحصل جنوبي البلاد في القُطر الليبي الشقيق ولا يبالي بالمؤامرات الأجنبية التي تُحاك بكل سلاسة وتُطبق بكل ثبات من أجل احتواء الثورة العربية عموما وتوجيهها نحو أهداف مكرِّسة لأهداف الامبريالية سارية المفعول.

في ضوء ذلك نعلن تدعيم عنوان الجروب الفايسبوكي "لا النهضة ولا اللي ضدها" بصفة "قطب الأحرار". وفي ما يلي بعض المبادئ والتوجهات العامة للقطب:

- نعتقد أنّ لتونس عديد المشكلات الداخلية والعلل التي ينبغي أن تعالج فورا بفضل وصفات ملائمة. مع هذا نعتقد أيضا أنّ غياب الأهداف الاستراتيجية العالمية عن  الفكر السياسي التونسي يكرس الأزمة الداخلية. لذا فمجابهة المشكلات الداخلية لن تنجح بغير تصميم استراتيجي لأهداف عالمية.

- أهم غاية عالمية يتوجب على الفكر السياسي التونسي أن يتبناها من الآن هي مقاومة التغوّل الامبريالي مهما كان مأتاه ومصدره.

- تونس ليست بلدا صغيرا ولا فقيرا مثلما وقع إيهام الكثير منا، بل هي بوابة إفريقيا والعالم العربي من الجهة المتوسطية، وهمزة وصل ذات أهمية خيالية بين الشرق والغرب والشمال والجنوب. لذا فنرشحها ونرشح أنفسنا، نخبا وشبابا، إلى مهمة الاضطلاع بهذا الدور الرابط شريطة أن يكون الاضطلاع من منطلقات عُقدية وسياسية ذاتية.

- ولئن نحرص على حريتنا التي اكتسبناها في ثورة 14 جانفي و بفضل مساهمة كافة القوى الحية وكنتيجة لتراكمات نضالية مختلفة، الأمر الذي يدعم حرصنا على تكريس سياسة ذاتية، فإننا لا نرفض الحوار البنّاء مع القوى الأجنبية التي لها مصالح في المنطقة. وضالتنا في ذلك المشاركاتية وصيانة المصالح المشتركة وقاعدة الأخذ والرد والمد والجزر والتفاعل الجدلي.

- لسنا ضد القوى العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وليس من مصلحتنا الحضارية أن نكون كذلك. إلا أننا نُعبر عن استيائنا للسياسات الرسمية لمثل هذه القوى، وخاصة في تحركاتها المسجلة في البلد الشقيق ليبيا ومن خلال مواقفها من انتفاضات شعوب عربية أخرى دون سواها.

- كما نعتبر أنفسنا ذوي فكر عالمي بفضل ما يمتلكه جانب لا بأس به من النخب في بلادنا من تكوين لغوي وفلسفي وفكري عالمي. لذا فتعاملنا مع القوى العالمية المهيمنة تعامل يفرضه تكويننا فضلا عن كوننا حريصين في الآن ذاته على إحياء ثقافتنا الذاتية وعلى اكتساب استقلاليتنا في كافة أبعاد.

- نعتبر شعوب البلدان العظمى صديقة لنا ولا نكنّ لها أي حقد بالرغم من الويلات التي عانتها الشعوب العربية والإسلامية من سياسات البلدان التي تنتمي إليها تلك الشعوب. بل نكنّ لتك الشعوب مشاعر حميمة في معظم الأحيان ونقدّر حسن تصرفها لمّا تكون واعية بالأسباب الحقيقية لقضايانا المصيرية على غرار قضايا فلسطين والعراق وأفغانستان، زد عليها ليبيا.

- نود أن يتم تعاملنا مع القوى العظمى التي أصبحنا، هكذا، نشترك معها في الثقافة وفي الحضارة عن طريق المجتمع والشعب في تلكم البلدان، وذلك بفضل وسائط الاتصال الحديثة وكذلك اللقاءات المباشرة.

- يأخذ الاستياء منا مأخذه لمّا نلاحظ أنّ بعض الأطراف الأجنبية توفد مبعوثيها لا لتصغي إلى شواغلنا ولا لتسجل حاجياتنا الحقيقية وإنما لتطبيق أجندات بلدانهم، وهي أجندات ليس لنا فيها ناقة ولا جمل. وفي هذا الباب بقدر ما نلوم على التذبذب لدى البعض من نخبنا وعلى التبعية لدى البعض الآخر وعلى التواطىء مع الصهيونية لدى آخرين، بقدر ما نركز لومنا على نخبنا الواعية والتي، مع ذلك، تتهاون في قرار التعبير عن هويتها السياسية وفي قرار الإدلاء بدلوها في كافة المسائل العالقة، وذلك من أجل هذا الوطن العزيز ومن أجل لعب دور رائد في العالم.

- ندعو كافة القوى الفكرية الحية أن تساهم في إثراء الحوار بشأن استحداث مثل هذا القطب أو غيره من الأقطاب، وذلك في مسعًى رامٍ إلى الارتقاء بشأن هذا البلد على كافة المستويات.

عاشت تونس دولة مستقلة لغتها العربية ودينها الإسلام

عاشت تونس مهدا للحضارات ومولدة للحضارات

فايسبوك في 10 جويلية 2011

محمد الحمّار

 

نقترح على الراغبين في الانتماء إلى هذا القطب أن يعرفوا بأنفسهم. مع العلم أنه ليس في هذا العمل من إلزام. غاية ما في الأمر أننا نلتزم معنويا بالانتماء إلى فكرة قد نكون مخطئين في تبنيها وقد نكون مصيبين.

المنتمون (الإسم والصفة وجهة السكن):

- محمد الحمّار، أستاذ وباحث، تونس العاصمة.